فصل: قال أبو جعفر النحاس:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



7- {ونذيرا}.
8- {وأصيلا}.
9- {عظيما}.
10- {خبيرا}.
11- {بورا}.
12- {سعيرا}.
13- {رحيما}.
14- {قليلا}.
15- {أليما}.
16- {أليما}.
17- {قريبا}.
18- {حكيما}.
19- {مستقيما}.
20- {قديرا}.
21- {نصيرا}.
22- {تبديلا}.
23- {بصيرا}.
24- {أليما}.
25- {عليما}.
26- {قريبا}.
27- {شهيدا}.
28- {عظيما}. اهـ.

.فصل في معاني السورة كاملة:

.قال المراغي:

سورة الفتح:
أصل الفتح: إزالة الأغلاق، وفتح البلد: دخله عنوة أو صلحا، والمراد بالفتح هنا صلح الحديبية (والحديبية بئر) على المشهور، وهو المروي عن ابن عباس وأنس والشعبي والزهري، وسمى هذا فتحا لأنه كان سببا لفتح مكة، قال الزهري: لم يكن فتح أعظم من صلح الحديبية، اختلط المشركون بالمسلمين وسمعوا كلامهم فتمكن الإسلام من قلوبهم وأسلم في ثلاث سنين خلق كثير كثر بهم سواد الإسلام، فما مضت تلك السنون إلا والمسلمون قد جاءوا إلى مكة في عشرة آلاف ففتحوها والخلاصة- إنه كان من نتائج هذا الصلح الأمور الآتية:
(1) تمّ في هذا الصلح ما يسمونه في العصر الحديث (جسّ النبض) لمعرفة قوة العدو ومقدار كفايته وإلى أي حد هى.
(2) معرفة صادقى الإيمان من المنافقين كما علم ذلك من المخلفين فيما يأتى.
(3) إن اختلاط المسلمين بالمشركين حبب الإسلام إلى قلوب كثير منهم فدخلوا في دين اللّه أفواجا.
{مبينا}: أي بيّنا ظاهر الأمر مكشوف الحال.
{أنزل السكينة}: أي خلقها وأوجدها، قال الراغب: إنزال اللّه تعالى نعمته على عبد:
إعطاؤه إياها، إما بإنزال الشيء نفسه كإنزال القرآن، أو بإنزال أسبابه بالهداية إليه كإنزال الحديد ونحوه اه. و{السكينة}: الطمأنينة والثبات من السكون، {إيمانا مع إيمانهم}:
أي يقينا مع يقينهم، {جنود السموات والأرض}: أي الأسباب السماوية والأرضية، {ويكفر عنهم سيئاتهم}: أي يغطيها ولا يظهرها، و{السوء}: (بالضم والفتح): المساءة، و{ظن السوء}: أي ظن الأمر السوء فيقولون في أنفسهم: لا ينصر اللّه رسوله والمؤمنين، {عليهم دائرة السوء}. الدائرة في الأصل الحادثة التي تحيط بمن وقعت عليه، وكثر استعمالها في المكروه، و{السوء}: العذاب والهزيمة والشر (وهو بالضم والفتح لغتان) وقال سيبويه: السوء هنا الفساد، أي عليهم ما يظنونه ويتربصونه بالمؤمنين لا يتخطاهم، {لعنهم}: أي طردهم طردا نزلوا به إلى الحضيض، {عزيزا}: أي يغلب ولا يغلب.
{شاهدا}: أي على أمتك لقوله تعالى: {لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ} {ومبشرا}: أي بالثواب على الطاعة، {ونذيرا}: أي بالعذاب على المعصية، {وتعزروه}: أي تنصروه، {وتوقروه}: أي تعظموه، {بكرة}: أي أول النهار، {وأصيلا}: أي آخر النهار، والمراد جميع النهار، إذ من سنن العرب أن يذكروا طرفى الشيء ويريدوا جميعه، كما يقال شرقا وغربا لجميع الدنيا، {يبايعونك}: أي يوم الحديبية إذ بايعوه على الموت في نصرته والذبّ عنه كما روى عن سلمة بن الأكوع وغيره، أو على ألا يفروا من قريش كما روى عن ابن عمر وجابر، {إنما يبايعون اللّه}، لأن المقصود من بيعة الرسول وطاعته طاعة اللّه وامتثال أوامره، {يد اللّه فوق أيديهم}: أي نصرته إياهم أعلى وأقوى من نصرتهم إياه، كما يقال اليد لفلان: أي الغلبة والنصرة له، {نكث}: أي نقض، يقال أوفى بالعهد ووفى به: إذا أتمه، وقرأ الجمهور (عليه) بكسر الهاء، وضمها حفص، لأنها هاء هو وهى مضمومة فاستصحب ذلك كما في له وضربه.
{المخلفون}: واحدهم مخلّف، وهو المتروك في المكان خلف الخارجين منه، {يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم}: أي إن كلامهم من طرف اللسان غير مطابق لما في القلب فهو كذب صراح، والملك: إمساك بقوة وضبط تقول ملكت الشيء إذا دخل تحت ضبطك دخولا تاما، ومنه لا أملك رأس بعيري: إذا لم تستطع إمساكه إمساكا تاما، والمراد بالضر: ما يضر من هلاك الأهل والمال وضياعهما، وبالنفع: ما ينفع من حفظ المال والأهل، {ينقلب}: أي يرجع، {إلى أهليهم}: أي عشائرهم وذوى قرباهم، {بورا}: أي هالكين لفساد عقائدكم وسوء نياتكم، {سعيرا}: أي نارا مسعورة موقدة ملتهبة.
المراد بالمغانم: مغانم خيبر، فإنه عليه الصلاة والسلام رجع من الحديبية في ذى الحجة من سنة خمس وأقام بالمدينة بقيتها وأوائل المحرم، ثم غزا خيبر بمن شهد الحديبية ففتحها وغنم أموالا كثيرة خصهم بها والمراد بتبديل كلام اللّه الشركة في المغانم دون أن ينصروا دين اللّه ويعلوا كلمته، {يفقهون}: أي يفهمون والمراد بالفهم القليل فهمهم لأمور الدنيا دون أمور الدين.
قال الزهري ومقاتل وجماعة: المراد بالقوم أولى البأس الشديد بنو حنيفه أصحاب مسيلمة الكذاب، وقال قتادة: هم هوازن وغطفان، وقال ابن عباس ومجاهد: هم أهل فارس، وقال الحسن: هم فارس والروم، قال ابن جرير: إنه لم يقم دليل من نقل ولا من عقل على تعيين هؤلاء القوم، فلندع الأمر على إجماله دون حاجة إلى التعيين اه.
والبأس: النجدة وشدة المراس في القتال، والحرج: الإثم والذنب.
الرضا: ما يقابل السخط، يقال رضى عنه ورضى به ورضيته، والمراد بالمؤمنين أهل الحديبية، ورضاه عنهم لمبايعتهم رسوله صلى الله عليه وسلم، و{الشجرة}: سمرة (شجرة طلح- وهى المعروفة الآن بالسنط) بايع المؤمنون تحت ظلها رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، {ما في قلوبهم}: أي من الصدق والإخلاص في المبايعة، و{السكينة}:
الطمأنينة والأمن وسكون النفس، {فتحا قريبا}: هو فتح خيبر عقب انصرافهم من الحديبية كما علمت، {مغانم كثيرة}: هي مغانم خيبر، وكانت خيبر أرضا ذات عقار وأموال قسمها رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بين المقاتلة فأعطى الفارس سهمين والراجل سهما، {عزيزا}: أي غالبا، {حكيما}: أي يفعل على مقتضى الحكمة في تدبير خلقه.
المغانم الكثيرة: ما وعد به المؤمنون إلى يوم القيامة، {فعجل لكم هذه}: أي مغانم خيبر، {أيدى الناس}: أي أيدى اليهود عن المدينة بعد خروج الرسول منها إلى الحديبية، {آية}: أي أمارة للمؤمنين يعرفون بها:
(1) صدق الرسول صلى الله عليه وسلم.
(2) حياطة اللّه لرسوله وللمؤمنين وحراسته لهم في مشهدهم ومغيبهم.
(3) معرفة المؤمنين الذين سيأتون بعد أن كلاءته تعالى ستعمهم أيضا ماداموا على الجادّة، الصراط المستقيم: هو الثقة بفضل اللّه والتوكل عليه فيما تأتون وما تذرون، {وأخرى}: أي مغانم أخرى هي مغانم فارس والروم، {أحاط اللّه بها}: أي أعدها لكم وهى تحت قبضته يظهر عليها من أراد، {لولّوا الأدبار}: أي لانهزموا، والولىّ الحارس الحامى، والنصير: المعين والمساعد، {سنة اللّه}: أي سنّ سبحانه غلبة أنبيائه سنة قديمة فيمن مضى من الأمم كما قال: {لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي} {أيديهم عنكم}: أي أيدى كفار مكة، وأيديكم عنهم {ببطن مكة}، يعنى بالحديبية، {أظفركم عليهم}: أي على كلمته وجعلكم ذوى غلبة عليهم، فإن عكرمة بن أبى جهل خرج في خمسمائة إلى الحديبية فبعث رسول اللّه صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد على جند فهزمهم حتى أدخلهم حيطان مكة ثم عاد.
{الهدى}: ما يقدّم قربانا للّه حين أداء مناسك الحج أو العمرة، {معكوفا}: أي محبوسا تقول عكفت الرجل عن حاجته: إذا حبسته عنها، {محله}: أي المكان الذي يسوغ فيه نحره وهو منى، والوطء: الدوس، والمراد به الإهلاك، وفى الحديث «اللهم اشدد وطأتك على مضر»، والمعرة: المكروه والمشقة، من عرّه إذا عراه ودهاه بما يكره والتنزيل: التفرق والتميز، و{الحميّة}: الأنفة، يقال حميت من كذا حميّة إذا أنفت منه وداخلك منه عار، والمراد بها ثوران القوة الغضبية، و{حمية الجاهلية}: حمية في غير موضعها لا يؤيدها دليل ولا برهان، و{كلمة التقوى} هى: لا إله إلا اللّه، {وأهلها}: أي المستأهلين.
{الرؤيا}: هي رؤيا منام وحلم، و{صدق اللّه رسوله الرؤيا}: أي صدقه في رؤياه ولم يكذبه، {محلقين رءوسكم ومقصرين}: أي يحلق بعضكم ويقصّر بعض آخر بإزالة بعض الشعر، {ليظهره على الدين كله}: أي ليعليه على سائر الأديان حقها وباطلها، وأصل الإظهار جعل الشيء باديا ظاهرا للرائى ثم شاع استعماله في الإعلاء.
{أشداء}: واحدهم شديد، {رحماء}: واحدهم رحيم، {فضلا}: أي ثوابا، والسيماء والسيمياء من السومة (بالضم) وهى العلامة قال:
غلام رماه اللّه بالحسن يافعا ** له سيمياء لا تشق على البصر

{مثلهم}: أي وصفهم العجيب الجاري مجرى الأمثال في الغرابة، والشطء: فروخ الزرع، وهو ما خرج منه وتفرع في شاطئيه: أي جانبيه وجمعه أشطاء، وشطأ الزرع وأشطأ: إذا أخرج فراخه، وهو في الحنطة والشعير والنخل وغيرها، وآزره: أعانه وقوّاه وأصله من المؤازة وهى المعاونة، و{استوى على سوقه}: أي استقام على قصبه وأصوله، والسوق، واحدها ساق. اهـ. باختصار.

.قال أبو جعفر النحاس:

سورة الفتح:
وهي مدنية.
في رواية مجاهد عن ابن عباس وروى الزهري عن عروة بن الزبير عن المسور بن مخرمة ومروان قالا نزلت سورة الفتح بين مكة والمدينة كلها في شأن الحديبية.
1- من ذلك قوله جل وعز: {إنا فتحنا لك فتحا مبينا} (آية 1) روى قتادة عن أنس قال نزلت {إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر} بعد رجوع النبي صلى الله عليه وسلم من الحديبية فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لقد نزلت علي آية أحب إلي من جميع الدنيا ثم تلاها» فقال رجل من المسلمين هنيئا مريئا هذا لك يا رسول الله فماذا لنا فأنزل الله جل وعز: {ليدخل المؤمنين والمؤمنات جنت تجري من تحتها الأنهار} إلى آخر الآية قال مجاهد في قوله تعالى: {إنا فتحنا لك فتحا مبينا} قال قضينا لك قضاء بينا قال سفيان {ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك} أي ما كان في الجاهلية {وما تأخر} قال ما كان في الإسلام مما لم تعمله بعد.
قال أبو جعفر في قوله جل وعز: {إنا فتحنا لك فتحا مبينا} ثلاثة أقوال متقاربة:
أ: منها ما تقدم أنه فتح الحديبية والحديبية بئر سمي المكان باسمها قال أبو جعفر ولا أعرف أحدا من أهل اللغة يشدد الياء منها وكان في فتحها أعظم الآيات لأن النبي صلى الله عليه وسلم فيما روي ورد على هذه البئر وقد نزف ماؤها فتمضمض صلى الله عليه وسلم وتفل فيها فأقبل الماء حتى شرب كل من كان معه ولم يكن بينهم إلا ترام حتى كان الفتح هذا قول.
ب- وقيل المعنى {إنا فتحنا لك فتحا مبينا} باجتناب الكبائر {ليغفر لك الله} الصغائر ج- وقيل {إنا فتحنا لك فتحا} بالهداية إلى الإسلام فهذه الأقوال متقاربة وقول مجاهد يجمعها لأن فتح الحديبية قضاء من قضاء الله وهداية من هدايته يهدي بها من شاء وكذلك اجتناب الكبائر وقد روي عن ابن عباس ما يقويه قال ما كنت أدري ما معنى {إنا فتحنا} حتى قالت لي ابنة مشرح فتح الله بيني وبينك وقوله تعالى: {ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق}.
2- وقد تكلم العلماء في قوله تعالى: {ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر} (آية 2) فقال أبو حاتم المعنى ليغفرن لك الله وقال أبو الحسن بن كيسان لا يجوز أن تكون إلا (لام كي) قال قال الله جل وعز: {إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا} فأمر الله أن يستغفره إذا كان الفتح ووعده بالمغفرة فكان قوله: {إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله} متعلقا بذاك وقيل {ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر} مما كان أي مما كان مقدما ومؤخرا وقد وقع ذلك كله وقيل {ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر} كله للمستقبل أي لتقع المغفرة في الاستقبال فيما يكون من الذنوب أولا وآخرا.
3- ثم قال جل وعز: {ويتم نعمته عليك ويهديك صراطا مستقيما وينصرك الله نصرا عزيزا} (آية 2، 3) أي نصرا ذا عز لا ذل معه.
4- ثم قال جل وعز: {هو الذي انزل السكينة في قلوب المؤمنين ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم} (آية 4) (السكينة) اي السكون والطمأنينة.
5- وقوله جل وعز: {ولله جنود السموات والأرض وكان الله عليما حكيما} (آية 4) أي كل ما فيها يدل على أن له خالقا وأنه واحد.
6- ثم قال جل وعز: {ليدخل المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار} (آية 5) أي فتح لك بالإسلام والهداية بهذا ويدل عليه أيضا قوله سبحانه: {ويعذب المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات الظانين بالله ظن السوء} (آية 6) لأنهم ظنوا أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يرجع {عليهم دائرة السوء} أي الهلاك ويقرأ السوء والفرق بينهما أن السوء الشئ بعينه والسوء الفعل.
7- وقوله جل وعز: {إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا} (آية 8) قال قتادة أي شاهدا على أمتك {ومبشرا} المحسن منهم {ونذيرا} المسئ قال أبو جعفر هذا قول حسن وهذه حال مقدرة حكى سيبويه مررت برجل معه صقر صائدا به غدا فالمعنى إنا أرسلناك مقدرين لشهادتك عبد يوم القيامة وعلى هذا تقول رايت عمروا قائما غدا.